احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

جدتي .. ماتت

~*~

ماتت جدتي ..

وما عاد لي في الدنيا جدات
ما عاد لي حنان جدة ، ولا رفق جدة
ما عاد لي دعاء جدة ، ولا كفا مجعدة أقبلها
ما عاد لي ظهر جدة
فقدت اليوم مهربنا الذي توارينا خلفه من العقوبات
يا ظهر جدتي .. يبيت الليلة على التراب 
يا كل عطور جدتي .. تخسرها ، وتختلط الليلة بالتراب
يا نظافة جدتي ، يا استبدال ملابسها و [شيلتها ] كل يوم .. تؤول إلى التراب
ويأكلها الدود
...


كل هذا العالم الذي يموج
كل هذه الوجوه التي ما رأيناها منذ سنوات
كلهم ، كلهم ..
كان يغنينا عنهم .. سريرك
...


كما اعتدت يا جدتي ..
أتعلم من كل أحد
ومنك تعلمت كيف تكون اﻷولويات
..

جدتي مثل كل الجدات
عجوز ، أمية ، لا تفقه شيئا في بهرج الحياة
تعجز تماما عن إدراك جدوى هذه [ الكمبيوترات ]
وترفض تماما أن تصلي في مكان فيه كمبيوتر مفتوح
حتى لو حاولنا مغافلتها ، وأرخينا الشاشة دون إقفاله
تنظر .. وتؤكد أنها تفهم أن وجود أي إضاءة تعني أنه لا زال مفتوحا
وتمتنع عن الصلاة حتى نوقف تشغيله..

..


أن أفقد جدتي ، لا يعني أني أفقد جدة تؤدي دور الجدات المعتاد..
بل إني أفقد الإنسان الوحيد في حياتي الذي [ جعلت قرة عينه في الصلاة ]

كان محور حياتها .. الصلاة
توقيتها .. الصلاة
تفزع من نومها .. لتسأل عن الصلاة
وكدر مزاجها أن تتأخر عن الصلاة
ولجدتي مفهومها الخاص للتأخير ..
أن يبدأ اﻷذان وهي لم تنته من وضوئها ، وتفرش سجادتها ، وتتأهب للتكبير ... ذاك تأخير يقلب يومها
وتعده ذنبا تحكيه لنا بألم :
" اليوم أعوذ بالله من ابليس .. مدري وش بي ، اخذتني عيني ، وما قمت إلا بعد ما أذن »
!!!!

الصلاة .. هي شغف جدتي في الحياة
حتى رؤاها .. كانت تدور حول الصلاة
منذ أعوام طويلة ، رأت في منامها من يعلمها دعاء :
« اللهم آت نفسي تقواها .... »
وطلب منها أن تقوله في صلاتها
ومنذ ذاك ، لم تعتبر صلاتها تامة دون أن تدعو به قبل السلام

...

في مرضها هذا اﻷخير .. كانت تتعب كثيرا ، فلا تستطيع رفع صوتها
وﻷن خشوعها مرتبط برفع صوتها قليلا .. كانت تقول :
أنا افكر في رمضان .. لو جاء وانا تعبانه كذا .. كيف بأصلي
!!!


جدتي التي كابدت الحياة ، يتيمة ، تربي أربعة إخوة
فجعت بأبيها ، وأمها التي لم ترها ، وأختها التي كانت سندها
وما نسيتهم ..

سألتنا يوما :
- اﻷموات يتزاورون ؟
- قلنا .. ايه
- قالت : يعني يزورون بعض في قبورهم ؟
- قلنا لا ، يا جدة ، تتزاور أرواحهم في السماء
- مباشرة ، سألها أبوي .. ها يمه من تبغين تزورين ؟
- بكل ألم الغربة والسنين .. قالت : أبغى أزور أمي
أمي اللي ما أعرفها .
...
ها يا جدة .. زرت أمك الليلة ؟!!!
...


ما يؤلمني فقط أن جدتي ماتت ..
فقد غسلناها ، وهي رافعة سبابتيها .. اليمين واليسار
قالت لنا اﻷسبوع الماضي :
« اللي يجي من الله واحد ، اللي يجي من الله حياه الله
إذا جاني شيء من الله استحكموا لحكمه »


لا يؤلمني أن جدتي ماتت ،فقط
فجدتي لم تخش الموت يوما ، وهي التي كانت تحدو دوما :
( ...
لارحت لحدي..
وامسيت وحدي..
وامست صِلِيّ القبر فوقي مِكِلّاتِي.. )



ما يؤلمني ، ويوجعني ، ويوجعني عمرا
أن جدتي التي منذ تعبت ، ما كاد يخلو بيتنا في كل يوم من زائر لها
ثم ..
ماتت وحيدة
مثلما بدأت حياتها !



يا وجع قلبي عليك
سامحينا يا جدتي .. ما كان بيدنا

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق

11:38ص | 27 أيار، 2014
اللهم ارحمها وارحم جدتي وأسكنهن الفردوس الأعلى من الجنان
11:37ص | 27 أيار، 2014
اللهم ارحمها وارحم جدتي وأسكنهن الفردوس الأعلى من الجنان